لماذا خُص إبراهيم عليه السلام بالذكر في التشهد ؟
السؤال :
لماذا نصلي ونسلم على إبراهيم عليه السلام في الصلاة ،
ولماذا لا يكون ذلك على الأنبياء الآخرين ، هو أحد أولي العزم الخمسة، ولكنه ليس
أولهم ولا آخرهم ، فلماذا هو، وإذا كان الأمر لأنه قبل الخمسة فلماذا لا نسلم على
عيسى ونوح وموسى أيضاً ؟
الجواب :
سيدنا إبراهيم عليه الصلاة والسلام اختصه الله عز وجل بالفضائل
العظيمة ، والمكارم الجليلة ، فكان الإمام ، والأمة ، والحنيف ، القانت
لله عز وجل ، الذي ينتسب إليه جميع الأنبياء بعده ، ويؤمن به جميع أتباع
الشرائع (المسلمون والنصارى واليهود) .
وإبراهيم عليه السلام هو أفضل الأنبياء والرسل بعد نبينا محمد صلى الله
عليه وسلم ، ولهذا أخبرنا الله تعالى أنه اتخذه خليلا (وَاتَّخَذَ اللَّهُ إِبْرَاهِيمَ خَلِيلًا)
النساء/125 .
وجميع الأنبياء الذين جاءوا من بعده هم من نسله من طريق إسحق
ويعقوب . إلا محمداً صلى الله عليه وسلم ، فهو من ولد إسماعيل بن إبراهيم.
فنبينا صلى الله عليه وسلم أخص بإبراهيم من غيره ، فإبراهيم عليه السلام هو
أبو العرب ، وهو أبو النبي صلى الله عليه وسلم من جهة النسب .
وإبراهيم
هو الذي أمر النبي صلى الله عليه وسلم باتباع ملته (ثُمَّ أَوْحَيْنَا
إِلَيْكَ أَنْ اتَّبِعْ مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفًا) النحل/123 ،
ولهذا كان نبينا صلى الله عليه وسلم ـ ونحن تبع له ـ
أولى الناس بإبراهيم عليه السلام كما قال عز وجل :
(إِنَّ أَوْلَى النَّاسِ بِإِبْرَاهِيمَ لَلَّذِينَ اتَّبَعُوهُ وَهَذَا النَّبِيُّ وَالَّذِينَ آمَنُوا)
آل عمران/68 ،
وقال رداً على اليهود والنصارى :
(مَا كَانَ إِبْرَاهِيمُ يَهُودِيّاً وَلا نَصْرَانِيّاً وَلَكِنْ كَانَ حَنِيفاً مُسْلِماً وَمَا كَانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ)
آل عمران/67 .
وسئل الشيخ ابن عثيمين رحمه الله : لماذا خُص إبراهيم عليه السلام بدعوة
التوحيد ، مع أن جميع الأنبياء دعوا إلى التوحيد ؟
فأجاب :
" كل الأنبياء جاءوا بالتوحيد، قال تعالى :
(وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ إِلَّا نُوحِي إِلَيْهِ أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدُونِ)
الأنبياء/25،
لكن إبراهيم أبو العرب، وأبو الإسرائيليين، وهو يدعو إلى التوحيد الخالص، واليهود والنصارى ادعوا أنهم أتباعه،
والمسلمون
هم أتباعه، فكان هو عليه الصلاة والسلام قد خُصَّ بأنه أبو الأنبياء، وأنه
صاحب الحنيفية، وأمرنا باتباعه؛ لأننا نحن أولى بإبراهيم،
كما قال عز وجل: (إِنَّ أَوْلَى النَّاسِ بِإِبْرَاهِيمَ لَلَّذِينَ اتَّبَعُوهُ وَهَذَا النَّبِيُّ وَالَّذِينَ آمَنُوا)
آل عمران/68
وقال رداً على اليهود والنصارى :
(مَا كَانَ إِبْرَاهِيمُ يَهُودِيّاً وَلا نَصْرَانِيّاً وَلَكِنْ كَانَ حَنِيفاً مُسْلِماً وَمَا كَانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ)
آل عمران/67"
وللعلامة بدر الدين العيني الحنفي رحمه الله ملحظ آخر في توجيه سبب
ذلك، فيقول: "فإن قيل: لم خص إبراهيم عليه السلام من بين سائر الأنبياء
عليهم السلام بذكرنا إياه في الصلاة ؟
قلت: لأن النبي عليه السلام رأى ليلة المعراج جميع الأنبياء والمرسلين، وسلم
على كل نبي، ولم يسلم أحد منهم على أمته غير إبراهيم عليه السلام، فأمرنا
النبي عليه السلام أن نصلي عليه في آخر كل صلاة إلى يوم القيامة، مجازاة
على إحسانه .
ويقال: إن إبراهيم عليه السلام لما فرغ من بناء الكعبة دعا لأمة محمد عليه
السلام وقال: اللهم من حج هذا البيت من أمة محمد فهَبْه مني السلام، وكذلك
دعا أهله وأولاده بهذه الدعوة، فأُمرنا بذكرهم في الصلاة مُجازاة على حُسْن صنيعهم"
"شرح سنن أبي داود" للعيني (4/260) .